روائع مختارة | روضة الدعاة | أدب وثقافة وإبداع | وعاد سوق عكاظ والعود أعور

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > أدب وثقافة وإبداع > وعاد سوق عكاظ والعود أعور


  وعاد سوق عكاظ والعود أعور
     عدد مرات المشاهدة: 3717        عدد مرات الإرسال: 0

الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمُرْسَلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد:

فقد سمع وشاهد كلُّ متابع -ولو بِنَزْر يسير- للإعلام الدعايةَ المكثَّفة لفعاليات وأنشطة سوق عكاظ الثقافي لعامه الرَّابع على التَّوالي، فقد جُنِّدَت له وسائل الإعلام المحلِّية المقروءةُ منها والمسموعة فظهرت له هالة إعلامية، وسطوة على الساحة في الفترة الماضية، ليقف المرء منبهرًا وحريصًا على معرفة وإستكشاف هذا الرمز الثقافي، كما يزعمون.

ولقد آثرتُ زيارة هذا السوق في أحد أيامه، لأنظر بعيني لا بعيني غيري، وأحكم بنفسي على حقيقة الأمر، فإذا بي أقف على أطلالٍ شوَّبَتْها أيدي الحضارة لتجعلها دعاية لها، لتحقيق أهدافٍ اللهُ أعلم بها، فما دخولك للسُّوق إلاَّ صفعة توقِظُك من تخدير الإعلام الهالة التي حَظِي بها السُّوق تتبخَّر بمجرد دخولك له، أشبه بأنك تتجوَّل في خيمة تَسوُّق محلاَّت رسمت برسم الزخرفة القديمة، وجادة تشبه المضمار يقوم فيها جماعة بأداء مشاهد تمثيلية تحكي الزمن الغابر لهذا السُّوق العريق، تنطلق قدمك من مكان لمكان، لتجد مُتْحفًا هناك وهناك، وحَتْفك أن لو صدقت مقولة: سوقٌ للحركة الفكرية والثقافية لهذا الوطن.

عُروضٌ شعبية، ولوحات فنِّية، وصُوَر فوتوغرافية، لا تجد ما يُقرِّبك فيها للهويَّة الإسلامية التي أعزَّنا الله بها، إنما كأن السُّوق صُمِّم ليوضع له قالب لا يتَرنَّح عنه إحياء التراث العربي الأصيل، فأجْزِم أنَّ الزائر لا يعود إلاَّ بِخُفَّي حُنَين، ولا تستغرب معي أن أغلب زائري السوق من العائلات الذين تستهويهم جولات التسوُّق مع ذَوِيهم، والجلوس في الأماكن التراثية لإكمال سمَرِهم، فأين الثقافة التي يدَّعونها؟!

إنِّي أقولها منصفًا: إنَّ هناك من الأمور التي لاقَتْ إعجابي، لكنها تدور حول الرُّؤية الإخراجية لا أكثر، إنَّما المَرْجُو من هذا السُّوق -كما يقولون- زيادة الثقافة والوعي لمرتاديه، ولو رأيت بعين البصيرة لوجدت أنَّ السوق بَهْرَجة إعلامية في الدَّرجة الأولى، وإنْ حاجَّني أحدٌ بوجود ندوات ثقافيَّة في الفترة الصباحية، لَقُلنا: هاتوا زُوَّاركم بالليل، هل يفقهون من كلام ضيوفكم شيئًا؟!

أم الثقافة تصبح على قوم بِلَون، وتُمْسي على قوم بلون آخَر؟!

لا ننكر القيمة الثقافية لهذا السُّوق قديمًا، وأثره في تاريخ الأدب العربي القديم، لكننا نُنْكِر هذا الإفراط في إستقطاب المُتَلقِّين، وننكر أشياء كثيرة سيأتي الحديث عنها إن شاء الله في مقالة قادمة.

ليست هذه فتوى، كي يعتبرها أحدُ مُثَقَّفيهم -الذي يُطبِّل ليلَ نهار عن السُّوق في صحفنا- غلُوًّا جديدًا، بل رأيًا لا أتوقَّع أن يُقصِيَه أهل سوق عكاظ الذين يعلمون مساحة الخلاف قديمًا في هذا السوق، فلعلهم يتأسّون بأسلافهم المثقَّفين، ولعلهم يراعوا فيَّ كرامة قبليتي التي سكَنَتْ هذا السوق قديمًا، وهو ما لا أتوقَّعه، والله من وراء القصد.

أردتُ من هذه الإطلالة السريعة أن أُزِيل عن العين الغِشَاوة، سائلاً الله أن يُلْهمني في مقالي الإصابة، ولعلَّ في مقالة أخرى توضع بعض النِّقاط المهمَّة، لتكشف أين هي الثقافة التي يدَّعون؟ وأيَّ طريق للناس يريدون؟ وماذا شاهدتُ لا شاهَدَ غيري؟

الكاتب: بندر بن عبد الله الثبيتي.

المصدر: موقع المختار الإسلامي.